رسوم على المحلات الفارغة- حلول لتحفيز التجارة وخفض الإيجارات في السعودية.
المؤلف: فراس طرابلسي09.16.2025

في قلب المدن العالمية النابضة بالحياة، مثل العاصمة البريطانية لندن، برزت سياسات مبتكرة تهدف إلى فرض رسوم على العقارات التجارية الخالية، وذلك في مسعى جاد للحد من ظاهرة احتكار المساحات التجارية وتشجيع الحراك الاقتصادي الديناميكي. ففي عام 2008، قامت الحكومة البريطانية بتعديل جوهري في نظام الضرائب العقارية، ليشمل المحلات التجارية المهجورة، وذلك عن طريق فرض رسوم محددة عليها. وقد أثمر هذا الإجراء في تحفيز مُلّاك العقارات التجارية على إعادة تأجيرها أو استثمارها في أنشطة تجارية متنوعة، بدلاً من تركها قيد الإهمال، مما أسهم بشكل فعال في إعادة إحياء المناطق التجارية الحيوية وتعزيز جاذبيتها.
واليوم، يلوح في الأفق فكرة مماثلة في سماء المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال مقترح قيّم تقدم به رجل الأعمال البارز يزيد الراجحي، الذي دعا إلى فرض رسوم على المحال التجارية الشاغرة في مختلف مناطق المملكة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لهذا المقترح أن يكون مفتاحاً حقيقياً لخفض تكاليف الإيجارات، وتنشيط الحركة التجارية المزدهرة، وتحقيق توازن مُحكم بين مصالح الملاك والمستثمرين على حد سواء؟
من منظور قانوني، يمكن تفعيل هذا المقترح الطموح من خلال صياغة تنظيم تشريعي شامل ومتكامل، يأخذ في الحسبان التوازن الدقيق بين الحقوق المقدسة للملكية الخاصة ومتطلبات المصلحة العامة العليا. ويمكن تحقيق ذلك من خلال سن نظام خاص ومستقل، أو عن طريق تعديل الأنظمة القائمة، بحيث يتم إدراج نص قانوني صريح يجيز فرض رسوم سنوية على العقارات أو المحلات التجارية الفارغة، وذلك بعد انقضاء فترة زمنية معينة من عدم تشغيلها، على سبيل المثال ستة أشهر أو سنة كاملة، ويمكن إدراج ذلك ضمن نظام رسوم الأراضي البيضاء أو عبر إصدار لائحة تنظيمية منفصلة.
ومن الضروري بمكان تحديد معايير واضحة ومحددة بدقة، وذلك لتحديد الحالات التي يعتبر فيها المحل التجاري "شاغراً"، مثل عدم وجود سجل تجاري نشط أو عدم ممارسة أي نشاط تجاري فعلي وملموس. مع استثناء بعض الحالات المبررة بشكل واضح، مثل العقارات التي تخضع لعمليات ترميم إجبارية أو تلك المتورطة في نزاعات قضائية خارجة عن إرادة المالك.
علاوة على ذلك، يجب توجيه العائدات المتأتية من الرسوم إلى دعم برامج تحفيز الاستثمار التجاري أو تطوير البنية التحتية المتنوعة في المناطق المتأثرة، مع إنشاء آلية رقابية شفافة وموثوقة تنذر المالك قبل تطبيق الرسوم، مما يضمن تحقيق العدالة والوضوح التام في عملية التطبيق.
إن تحفيز تشغيل المحلات التجارية الفارغة يتماشى بشكل وثيق ومتناغم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 الطموحة، ولا سيما من خلال دعم النمو المتواصل للقطاع الخاص، وتعزيز مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق بيئة أعمال تنافسية ومستدامة تشجع على الابتكار والنمو.
ويمكن البدء بتطبيق هذا النظام على مراحل تجريبية ومدروسة في المدن الكبرى الرئيسية مثل الرياض وجدة والدمام، بحيث يتم تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي بدقة متناهية بعد مرور عام كامل من التطبيق، مما يسمح بإجراء التحسينات والتعديلات اللازمة قبل تعميم التجربة على نطاق أوسع يشمل جميع مناطق المملكة.
وقد بادرت القيادة الرشيدة فعلياً، بموجب نظام تم إقراره من قبل مجلس الوزراء الموقر، إلى تبني هذه الرؤية التنظيمية الثاقبة، من خلال إصدار قرار يقضي بفرض رسوم سنوية بنسبة 5% من القيمة التقديرية للعقار التجاري غير المستخدم. وقد أُسندت مهمة التنفيذ والإشراف على التطبيق إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، التي بدأت باتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لتفعيل النظام، بما في ذلك تحديد معايير دقيقة لشغور المحلات، وضوابط الإعفاء، وآلية التقييم والإنذار قبل التطبيق الفعلي للرسوم.
ويُحتمل، بحسب ما يُستشف من مسار التطوير التشريعي، أن تُمنح اللجنة الوزارية المختصة صلاحية تقديرية لرفع نسبة الرسوم إلى 10% سنوياً من قيمة العقار في بعض الحالات التي تُقدّر وفق معايير تنظيمية دقيقة ومفصلة. هذا التدرج المحتمل في التصعيد المالي يعكس توجهاً جاداً وحازماً نحو تفعيل أدوات العدالة الاقتصادية ومنع تعطيل الأصول التجارية دون وجود مبرر مقبول.
ويُستثنى بشكل واضح من الرسوم العقارات التي تخضع لأعمال ترميم موثقة ومدعومة بالوثائق الرسمية، أو تلك المرتبطة بنزاعات قضائية خارجة عن إرادة المالك، مع التأكيد الشديد على اعتماد آلية رقابية شفافة وعادلة تراعي الظروف الخاصة لكل حالة على حدة.
هذا التدخل التنظيمي يعكس إدراك الدولة العميق لأهمية خلق توازن عادل بين العرض والطلب في السوق العقاري، ويجسّد قدرتها الفائقة على تحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص واعدة للتنمية المستدامة، من خلال تشريعات قابلة للتطبيق العملي ومبنية على تقييم دقيق وشامل للواقع الاقتصادي والاجتماعي.
من خلال هذا الإجراء المدروس، تتحقق عدة فوائد اقتصادية واجتماعية ملموسة، أبرزها خفض أسعار الإيجارات تدريجياً نتيجة زيادة المعروض الفعلي من المحلات التجارية، وتحفيز أصحاب العقارات على تأجير المحلات بأسعار عادلة ومنطقية أو تشغيلها بأنشطة تجارية جديدة ومبتكرة، مما ينعش الدورة الاقتصادية ويدعم النمو، ويوسع قاعدة المنشآت التجارية العاملة، ويخلق فرصاً إضافية لرواد الأعمال الطموحين والمستثمرين الصغار الذين يتطلعون إلى تحقيق النجاح.
في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تبرز الحاجة الماسة إلى أفكار مبتكرة وخلاقة تساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق التوازن الأمثل بين مصالح جميع الأطراف المعنية. وإن ما تحقق من خلال المبادرات الأخيرة لتنظيم سوق المحلات التجارية الفارغة، يمثل خطوة ذكية وموفقة نحو تحقيق عدالة اقتصادية شاملة، وتعزيز بيئة تجارية ديناميكية ومزدهرة، ترسّخ توجه الدولة الثابت نحو التنمية الشاملة والفعالة التي تعود بالنفع على الجميع.
واليوم، يلوح في الأفق فكرة مماثلة في سماء المملكة العربية السعودية، وذلك من خلال مقترح قيّم تقدم به رجل الأعمال البارز يزيد الراجحي، الذي دعا إلى فرض رسوم على المحال التجارية الشاغرة في مختلف مناطق المملكة. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن لهذا المقترح أن يكون مفتاحاً حقيقياً لخفض تكاليف الإيجارات، وتنشيط الحركة التجارية المزدهرة، وتحقيق توازن مُحكم بين مصالح الملاك والمستثمرين على حد سواء؟
من منظور قانوني، يمكن تفعيل هذا المقترح الطموح من خلال صياغة تنظيم تشريعي شامل ومتكامل، يأخذ في الحسبان التوازن الدقيق بين الحقوق المقدسة للملكية الخاصة ومتطلبات المصلحة العامة العليا. ويمكن تحقيق ذلك من خلال سن نظام خاص ومستقل، أو عن طريق تعديل الأنظمة القائمة، بحيث يتم إدراج نص قانوني صريح يجيز فرض رسوم سنوية على العقارات أو المحلات التجارية الفارغة، وذلك بعد انقضاء فترة زمنية معينة من عدم تشغيلها، على سبيل المثال ستة أشهر أو سنة كاملة، ويمكن إدراج ذلك ضمن نظام رسوم الأراضي البيضاء أو عبر إصدار لائحة تنظيمية منفصلة.
ومن الضروري بمكان تحديد معايير واضحة ومحددة بدقة، وذلك لتحديد الحالات التي يعتبر فيها المحل التجاري "شاغراً"، مثل عدم وجود سجل تجاري نشط أو عدم ممارسة أي نشاط تجاري فعلي وملموس. مع استثناء بعض الحالات المبررة بشكل واضح، مثل العقارات التي تخضع لعمليات ترميم إجبارية أو تلك المتورطة في نزاعات قضائية خارجة عن إرادة المالك.
علاوة على ذلك، يجب توجيه العائدات المتأتية من الرسوم إلى دعم برامج تحفيز الاستثمار التجاري أو تطوير البنية التحتية المتنوعة في المناطق المتأثرة، مع إنشاء آلية رقابية شفافة وموثوقة تنذر المالك قبل تطبيق الرسوم، مما يضمن تحقيق العدالة والوضوح التام في عملية التطبيق.
إن تحفيز تشغيل المحلات التجارية الفارغة يتماشى بشكل وثيق ومتناغم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 الطموحة، ولا سيما من خلال دعم النمو المتواصل للقطاع الخاص، وتعزيز مساهمة المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي الإجمالي، وخلق بيئة أعمال تنافسية ومستدامة تشجع على الابتكار والنمو.
ويمكن البدء بتطبيق هذا النظام على مراحل تجريبية ومدروسة في المدن الكبرى الرئيسية مثل الرياض وجدة والدمام، بحيث يتم تقييم الأثر الاقتصادي والاجتماعي بدقة متناهية بعد مرور عام كامل من التطبيق، مما يسمح بإجراء التحسينات والتعديلات اللازمة قبل تعميم التجربة على نطاق أوسع يشمل جميع مناطق المملكة.
وقد بادرت القيادة الرشيدة فعلياً، بموجب نظام تم إقراره من قبل مجلس الوزراء الموقر، إلى تبني هذه الرؤية التنظيمية الثاقبة، من خلال إصدار قرار يقضي بفرض رسوم سنوية بنسبة 5% من القيمة التقديرية للعقار التجاري غير المستخدم. وقد أُسندت مهمة التنفيذ والإشراف على التطبيق إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان، التي بدأت باتخاذ التدابير والإجراءات اللازمة لتفعيل النظام، بما في ذلك تحديد معايير دقيقة لشغور المحلات، وضوابط الإعفاء، وآلية التقييم والإنذار قبل التطبيق الفعلي للرسوم.
ويُحتمل، بحسب ما يُستشف من مسار التطوير التشريعي، أن تُمنح اللجنة الوزارية المختصة صلاحية تقديرية لرفع نسبة الرسوم إلى 10% سنوياً من قيمة العقار في بعض الحالات التي تُقدّر وفق معايير تنظيمية دقيقة ومفصلة. هذا التدرج المحتمل في التصعيد المالي يعكس توجهاً جاداً وحازماً نحو تفعيل أدوات العدالة الاقتصادية ومنع تعطيل الأصول التجارية دون وجود مبرر مقبول.
ويُستثنى بشكل واضح من الرسوم العقارات التي تخضع لأعمال ترميم موثقة ومدعومة بالوثائق الرسمية، أو تلك المرتبطة بنزاعات قضائية خارجة عن إرادة المالك، مع التأكيد الشديد على اعتماد آلية رقابية شفافة وعادلة تراعي الظروف الخاصة لكل حالة على حدة.
هذا التدخل التنظيمي يعكس إدراك الدولة العميق لأهمية خلق توازن عادل بين العرض والطلب في السوق العقاري، ويجسّد قدرتها الفائقة على تحويل التحديات الاقتصادية إلى فرص واعدة للتنمية المستدامة، من خلال تشريعات قابلة للتطبيق العملي ومبنية على تقييم دقيق وشامل للواقع الاقتصادي والاجتماعي.
من خلال هذا الإجراء المدروس، تتحقق عدة فوائد اقتصادية واجتماعية ملموسة، أبرزها خفض أسعار الإيجارات تدريجياً نتيجة زيادة المعروض الفعلي من المحلات التجارية، وتحفيز أصحاب العقارات على تأجير المحلات بأسعار عادلة ومنطقية أو تشغيلها بأنشطة تجارية جديدة ومبتكرة، مما ينعش الدورة الاقتصادية ويدعم النمو، ويوسع قاعدة المنشآت التجارية العاملة، ويخلق فرصاً إضافية لرواد الأعمال الطموحين والمستثمرين الصغار الذين يتطلعون إلى تحقيق النجاح.
في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تبرز الحاجة الماسة إلى أفكار مبتكرة وخلاقة تساهم في دفع عجلة النمو الاقتصادي وتحقيق التوازن الأمثل بين مصالح جميع الأطراف المعنية. وإن ما تحقق من خلال المبادرات الأخيرة لتنظيم سوق المحلات التجارية الفارغة، يمثل خطوة ذكية وموفقة نحو تحقيق عدالة اقتصادية شاملة، وتعزيز بيئة تجارية ديناميكية ومزدهرة، ترسّخ توجه الدولة الثابت نحو التنمية الشاملة والفعالة التي تعود بالنفع على الجميع.